قذى بعينكِ امْ بالعينِ عوَّارُ ( الخنساء )
قذى بعينكِ امْ بالعينِ عوَّارُ
امْ ذرَّفتْ اذْخلتْ منْ اهلهَا الدَّارُ
كأنّ عيني لذكراهُ إذا خَطَرَتْ
فيضٌ يسيلُ علَى الخدَّينِ مدرارُ
تبكي لصخرٍ هي العبرَى وَقدْ ولهتْ
وَدونهُ منْ جديدِ التُّربِ استارُ
تبكي خناسٌ فما تنفكُّ مَا عمرتْ
لها علَيْهِ رَنينٌ وهيَ مِفْتارُ
تبكي خناسٌ علَى صخرٍ وحقَّ لهَا
اذْ رابهَا الدَّهرُ انَّ الدَّهرَ ضرَّارُ
لاَ بدَّ منْ ميتة ٍ في صرفهَا عبرٌ
وَالدَّهرُ في صرفهِ حولٌ وَاطوارُ
قدْ كانَ فيكمْ ابو عمرٍو يسودكمُ
نِعْمَ المُعَمَّمُ للدّاعينَ نَصّارُ
صلبُ النَّحيزة ِ وَهَّابٌ اذَا منعُوا
وفي الحروبِ جريءُ الصّدْرِ مِهصَارُ
يا صَخْرُ وَرّادَ ماءٍ قد تَناذرَهُ
أهلُ الموارِدِ ما في وِرْدِهِ عارُ
مشَى السّبَنْتى إلى هيجاءَ مُعْضِلَة ٍ
لهُ سلاحانِ: أنيابٌ وأظفارُ
وما عَجُولٌ على بَوٍّ تُطيفُ بِهِ
لها حَنينانِ: إعْلانٌ وإسْرارُ
تَرْتَعُ ما رَتَعَتْ، حتى إذا ادّكرَتْ
فانَّما هيَ اقبالٌ وَادبارُ
لاَ تسمنُ الدَّهرَ في ارضٍ وَانْ رتعتْ
فانَّما هيَ تحنانٌ وَتسجارُ
يوْماً بأوْجَدَ منّي يوْمَ فارَقني
صخرٌ وَللدَّهرِ احلاءٌ وَامرارُ
وإنّ صَخراً لَوالِينا وسيّدُنا
وإنّ صَخْراً إذا نَشْتو لَنَحّارُ
وإنّ صَخْراً لمِقْدامٌ إذا رَكِبوا
وإنّ صَخْراً إذا جاعوا لَعَقّارُ
وإنّ صَخراً لَتَأتَمّ الهُداة ُ بِهِ
كَأنّهُ عَلَمٌ في رأسِهِ نارُ
جلدٌ جميلُ المحيَّا كاملٌ ورعٌ
وَللحروبِ غداة ََ الرَّوعِ مسعارُ
حَمّالُ ألوِيَة ٍ هَبّاطُ أودِيَة ٍ
شَهّادُ أنْدِيَة ٍ للجَيشِ جَرّارُ
فقلتُ لما رأيتُ الدّهرَ ليسَ لَهُ
معاتبٌ وحدهُ يسدي وَنيَّارُ
لقدْ نعى ابنُ نهيكٍ لي اخاَ ثقة ٍ
كانتْ ترجَّمُ عنهُ قبلُ اخبارُ
فبتُّ ساهرة ً للنَّجمِ ارقبهُ
حتى أتى دونَ غَورِ النّجمِ أستارُ
لم تَرَهُ جارَة ٌ يَمشي بساحَتِها
لريبة ٍ حينَ يخلِي بيتهُ الجارُ
ولا تراهُ وما في البيتِ يأكلهُ
لكنَّهُ بارزٌ بالصَّحنِ مهمارُ
ومُطْعِمُ القَوْمِ شَحماً عندَ مَسغبهم
وفي الجُدوبِ كريمُ الجَدّ ميسارُ
قدْ كانَ خالصتي منْ كلِّ ذي نسبٍ
فقدْ اصيبَ فما للعيشِ اوطارُ
مثلَ الرُّدينيِّ لمْ تنفدْ شبيبتهُ
كَأنّهُ تحتَ طَيّ البُرْدِ أُسْوَارُ
جَهْمُ المُحَيّا تُضِيءُ اللّيلَ صورَتُهُ
آباؤهُ من طِوالِ السَّمْكِ أحرارُ
مُوَرَّثُ المَجْدِ مَيْمُونٌ نَقيبَتُهُ
ضَخْمُ الدّسيعَة ِ في العَزّاءِ مِغوَارُ
فرعٌ لفرعٍ كريمٍ غيرِ مؤتشبٍ
جلدُ المريرة ِ عندَ الجمعِ فخَّارُ
في جوْفِ لحْدٍ مُقيمٌ قد تَضَمّنَهُ
في رمسهِ مقمطرَّاتٌ وَاحجارُ
طَلْقُ اليَدينِ لفِعْلِ الخَيرِ ذو فَجَرٍ
ضَخْمُ الدّسيعَة ِ بالخَيراتِ أمّارُ
ليَبْكِهِ مُقْتِرٌ أفْنى حريبَتَهُ
دَهْرٌ وحالَفَهُ بؤسٌ وإقْتارُ
ورفقة ٌ حارَ حاديهمْ بمهلكة ٍ
كأنّ ظُلْمَتَها في الطِّخْيَة ِ القارُ
لا يَمْنَعُ القَوْمَ إنْ سالُوهُ خُلْعَتَهُ
وَلاَ يجاوزهُ باللَّيلِ مرَّارُ
.....